كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 18)
26634 - وَفِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِمُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَهَا حَائِضًا دَلِيلٌ يُبَيِّنُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ وَاقِعٌ لَازِمٌ ; لِأَنَّ الْمُرَاجَعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الطَّلَاقِ، وَلُزُومِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ وَاقِعًا لَازِمًا مَا قَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْ لَا يُقَالُ لَهُ رَاجِعْ ; لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ فِي عِصْمَتِهِ لَمْ يُفَارِقْهَا: رَاجِعْهَا، بَلْ كَانَ يُقَالُ لَهُ: طَلَاقُكَ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، وَامْرَأَتُكَ بَعْدَهُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ، وَنَحْوُ هَذَا.
26635 - أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ فِي الْمُطَلَّقَاتِ:وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [ الْبَقَرَةِ: 228 ] يَعْنِي: فِي الْعِدَّةِ.
وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي الزَّوْجَاتِ غَيْرِ الْمُطَلَّقَاتِ.
26636 - وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِي الْحَيْضِ مَكْرُوهًا، بِدْعَةً، غَيْرَ سُنَّةٍ.
26637 - وَلَا يُخَالِفُ الْجَمَاعَةَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، وَالْجَهْلِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الطَّلَاقَ لِغَيْرِ السُّنَّةِ غَيْرَ وَاقِعٍ، وَلَا لَازِمٍ.
26638 - وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ.
26639 - وَهَذَا شُذُوذٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِمَا رُوِيَ ; وَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ الَّذِي عُرِضَتْ لَهُ الْقَضِيَّةُ احْتَسَبَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُدْفَعُ عِلْمُهُ بِقِصَّةٍ عَرَضَتْ لَهُ.
26640 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ،
الصفحة 17
312