كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 19)

28379 - قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعِ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فِي الْأَغْلَبِ بِقَوْلِهِ مَعَ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، مَعْنَاهُ: إِذَا بِعْتُمُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَمَنَعَهَا اللَّهُ كُنْتُمْ قَدْ رَكِبْتُمُ الْغَرَرَ، وَأَخَذْتُمْ مَالَ الْمُبْتَاعِ بِالْبَاطِلِ، فَلَا تَبِيعُوهَا، حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَلِمْتُمْ مِنَ الْغَرَرِ ; لِأَنَّ الْأَغْلَبَ - حِينَئِذٍ - مِنْ أَمْرِهَا السَّلَامَةُ، فَإِنْ لِحَقَتْهَا جَائِحَهٌ، فَهِيَ نَادِرَةٌ، لَا حُكْمَ لَهَا، وَكَانَتْ كَالدَّارِ تُبَاعُ فَتُهْدَمُ، قَبْلَ انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ يَمُوتُ بِإِثْرِ قَبْضِ الْمُبْتَاعِ لَهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُرُوضِ تَهْلِكُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُبْتَاعُ بِهَا.
28380 - قَالُوا: كُلُّ مَنِ ابْتَاعَ ثَمَرَةً مِنْ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ، أَوْ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ فِي حَالٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهِ، فَقَبَضَ ذَلِكَ بِمَا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَهُ، فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ، فَأَهْلَكَتْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ثَلَاثًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، فَالْمُصِيبَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْمُبْتَاعِ.
28381 - وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، ثُمَّ رَجَعَ بِمِصْرَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ أَشْهَرُ قَوْلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ.
28382 - وَضَعَّفَ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ "، وَأَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُنَا بِهِ، عَنْ

الصفحة 106