كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 19)

28426 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أُرْخِصَ فِي الْعَرَايَا، النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ تُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ، فَيَبِيعُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.
28427 - قَالُوا: فَقَدْ أَطْلَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْمُعْرِي، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ قُصِدَ بِهَا الْمُعْرِي الْمِسْكِينُ لِحَاجَتِهِ.
28428 - قَالُوا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ ; لِأَنَّ الْمُعْرَى قَدْ مَلَكَ مَا قَدْ وُهِبَ لَهُ، فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ الْمُعْرِي، وَمِنْ غَيْرِهِ إِذَا أَرْخَصَتْ لَهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ وَخَصَّتْهُ مِنْ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ فِي الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ.
28429 - وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
28430 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ; يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا، فَقَالَ: أَنَا لَا أَقُولُ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ، وَأَقُولُ: إِنَّ الْعَرَايَا أَنْ يُعَرِيَ الرَّجُلُ جَارَهُ، أَوْ قَرَابَتَهُ، لِلْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، فَإِذَا أَعْرَاهُ إِيَّاهَا، فَلِلْمُعْرَى أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ شَاءَ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَأَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا فَرَخَّصَ فِي شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ، فَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ أَنْ تُبَاعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَيَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ.
28431 - ثُمَّ قَالَ: مَالِكٌ يَقُولُ: يَبِيعُهَا مِنَ الَّذِي أَعْرَاهَا، وَلَيْسَ هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدِي، بَلْ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ.

الصفحة 121