كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 19)

مُزَابَنَةٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ، فَتُدْخِلُ الْمُزَابَنَةُ عِنْدَهُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَمَا لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ فِيهِ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْغَرَرِ، وَالْقِمَارِ، وَالْخَطَرِ.
28579 - وَفَسَّرَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ، فَقَالَ فِي " مُوَطَّئِهِ ": وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ الَّذِي لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوِ التَّمْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ أَوْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ السِّلْعَةُ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوِ النَّوَى أَوِ الْقَضْبِ أَوِ الْعُصْفُرِ أَوِ الْكُرْسُفِ أَوِ الْكَتَّانِ أَوِ الْقَزِّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ. لَا يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا وَزْنُهُ وَلَا عَدَدُهُ، فَيَقُولَ الرَّجُلُ لِرَبِّ تِلْكَ السِّلْعَةِ: كِلْ سِلْعَتَهُ هَذِهِ. أَوْ مُرْ مَنْ يَكِيلُهَا، أَوْ زِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوزَنُ، أَوْ عُدَّ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يُعَدُّ. فَمَا نَقَصَ عَنْ كَيْلِ كَذَا وَكَذَا صَاعًا، لِتَسْمِيَةٍ يُسَمِّيهَا، أَوْ وَزْنِ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا، أَوْ عَدَدِ كَذَا وَكَذَا، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ لَكَ، حَتَّى أُوَفِّيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ، فَمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ لِي، أَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي مَا زَادَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بَيْعًا، وَلَكِنَّهُ الْمُخَاطَرَةُ وَالْغَرَرُ، وَالْقِمَارُ يَدْخُلُ هَذَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ شَيْئًا بِشَيْءٍ أَخْرَجَهُ، وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لَهُ مَا سَمَّى مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ; فَإِنْ نَقَصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ، أَخَذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَا هِبَةٍ طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ، فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِمَارَ، وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْأَشْيَاءِ فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ.

الصفحة 160