كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 20)
لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ إِنْ شِئْتَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ، أَوْ رَدَّهُ، فَإِنِ اخْتَارَ وَجْهًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَانْقَطَعَ عَنْهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى خِيَارِ مُدَّةٍ يَجُوزُ الْخِيَارُ إِلَيْهَا كَانَا عَلَى مَا عَقَدَا مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَضُرَّهُمَا التَّفَرُّقُ.
29966 - وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي مُدَّةِ أَيَّامِ الْخِيَارِ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
29967 - وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْجَمِيعِ.
29968 - وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ فِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي " الْمُوَطَّأِ " بِأَكْثَرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا:
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ، وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ ":
29969 - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَفَعَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَعْنَى الْخِلَافِ بِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَرَ أَحَدًا يَعْمَلُ بِهِ، قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ، وَإِجْمَاعُهُمْ عِنْدَهُ حُجَّةٌ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: إِذَا رَأَيْتَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى شَيْءٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.
29970 - قَالَ: وَإِجْمَاعُهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ.
29971 - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهَا مَوْجُودٌ بِهَا.
الصفحة 232