كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 20)

29976 - وَأَمَّا احْتِجَاجُ الْكُوفِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ، بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [ الْمَائِدَةِ: 1 ] قَالُوا: وَهَذَانِ قَدْ تَعَاقَدَا، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبْطَالُ الْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ، فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِهِ مِنَ الْعُقُودِ مَا لَمْ يُبْطِلْهُ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ، كَمَا لَوْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى رِبًا، أَوْ سَائِرِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُمَا.
29977 - وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ "، قَالُوا: فَقَدْ أَطْلَقَ بَيْعَهُ إِذَا اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَبَعْدَهُ.
29978 - وَهَذَا عِنْدَ مَنْ خَالَفَهُمْ مُرَتَّبٌ عَلَى خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ اسْتِعْمَالُهُمَا مَعًا، فَكَيْفَ يُدْفَعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مَعَ إِمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِمَا.
29979 - وَاحْتَجُّوا بِكَثِيرٍ مِنَ الظَّوَاهِرِ، وَالْعُمُومِ، مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ فِي الْعُمُومِ بِالْخُصُوصِ، وَلَا بِالظَّوَاهِرِ عَلَى النُّصُوصِ.
29980 - وَقَالُوا: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا " عَلَى النَّدْبِ ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْأَقَالَ نَادِمًا فِي بَيْعٍ، أَوْ قَالَ: فِي بَيْعَتِهِ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ".

الصفحة 234