كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 20)

وَقَبَضَهُ، وَجَائِزٌ فِيهِ تَصَرُّفُهُ، جَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الْغَرِيمُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ، كَمَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا أَحَبَّ.
29251 - وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْقَبِيحَ عِنْدَهُ كَأَنَّهُ قَدْ شَرَطَهُ، وَقَصَدَهُ، وَلَا يَنْفَعُ عِنْدَهُ الْقَوْلُ الْحَسَنُ فِي الْبَيْعِ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ قَبِيحًا، كَمَا لَا يَضُرُّهُ عِنْدَهُ الْقَوْلُ الْقَبِيحُ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ حَسَنًا.
29252 - أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُجِيزُ مَا لَا يُجِيزُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ، وَذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَبِيعُكَ سِلْعَتِي هَذِهِ بِكَذَا، وَكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي فِي تِلْكَ الدَّرَاهِمِ دِينَارًا، فَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ مَعَ قُبْحِ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُ يَجْمَعُ بِيَقِينٍ فِي بَيْعِهِ، وَصَرْفًا مُتَأَخِّرًا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا عِنْدَهُ، فَإِنَّمَا بَاعَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ بِالدِّينَارِ، وَكَانَ ذِكْرُ الدَّرَاهِمِ عِنْدَهُ لَغْوًا، لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ.
29253 - وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ لَا يُرَاعِي فِيمَا يُحِلُّ وَيُحَرِّمُ مِنَ الْبُيُوعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِلَّا مَا اشْتَرَطَا، وَذَكَرَا بِأَلْسِنَتِهِمَا، وَظَهَرَ مِنْ قَوْلِهِمَا لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُ: أَبِيعُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أُنْظِرُكَ بِهَا حَوْلًا، أَوْ شَهْرًا لَمْ يَحِلَّ، وَلَوْ قَالَ: أَسْلِفْنِي دَرَاهِمَ، وَأَمْهِلْنِي بِهَا حَوْلًا، أَوْ شَهْرًا جَازَ، وَلَيْسَ بَيْنَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ لَفْظُ الْقَرْضِ، وَلَفْظُ الْبَيْعِ.

الصفحة 59