كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 21)
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " وَتَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِرُوحِ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا ؟ فَقَالَ: مَا أَذْكُرُ أَنِّي عَمِلْتُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا قَطُّ، فَقِيلَ لَهُ: اذْكُرْ، فَقَالَ: مَا أَذْكُرُ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ رَجُلًا أُدَايِنُ النَّاسَ، فَكُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَاوَزَا عَنِ الْمُعْسِرِ، فَقَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّجَاوُزِ ".
30658 - قَالَ مَالِكٌ، فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْإِبِلَ أَوِ الْغَنَمَ أَوِ الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافًا: إِنَّهُ لَا يَكُونُ الْجِزَافُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُعَدُّ عَدًّا.
30659 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِنَّمَا كُرِهَ الْجِزَافُ فِي الْمَعْدُودَاتِ ; لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مِنَ الْغَرَرِ الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ، كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ.
30660 - وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَبِيدِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْأَنْعَامِ، وَالثِّيَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ الْجِزَافُ ; لِأَنَّهُ غَرَرٌ بَيِّنٌ إِذَا تَرَكَ عَدَّهُ، وَقَدْ أَمْكَنَ تَأَوُّلُهُ، وَتَقْلِيبُهُ، وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِيهِ كَانَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ، وَكَانَ أَشَدَّ فَسَادًا.
30661 - وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ، لَمْ يَجُزْ فِيهِ الْجِزَافُ ; لِأَنَّهُ غَرَرٌ بَيِّنٌ.
الصفحة 107