كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 21)

مِنْهُمَا مَا يَجِبُ لَهُ بِالْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فِي الدَّارِ، وَالْعَبْدِ، وَالدَّابَّةِ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَرَطَ، وَيَكُونُ أَحَقُّ بِهَا مَنْ مَلَكَ أَصْلَهَا، فَهِيَ كَالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ الْمَقْبُوضَةِ إِذَا قَبَضَ الْأَصْلَ الَّذِي تَطْرَأُ مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُهَا خَالَفَ الْعَيْنَ كَانَتْ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُكْتَرَى بِالدَّيْنِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.
30695 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَمَّا مَنْ كَرِهَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الدَّارَ، أَوِ الدَّابَّةَ، ثُمَّ يُؤَاجِرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ ; لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَصْلِ مِنَ الْمُؤَاجِرِ صَاحِبِ الْأَصْلِ، لَا مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ.
30696 - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: مَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا، أَوْ دَابَّةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ إِيَّاهَا أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتِ الْأُجْرَةُ لَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَضْلِهَا عَمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ.
30697 - وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ لِمَعْمَرٍ: مَا كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ فِي رَجُلٍ اكْتَرِي شَيْئًا، ثُمَّ رَبِحَ فِيهِ ؟ فَقَالَ مَعْمَرٌ: أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ سِيرِينَ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ: كَانَ إِخْوَانُنَا مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَكْرَهُونَهُ.
30698 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

الصفحة 113