كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 21)

مَالُهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَلَهُ، لِإِخَاءٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ لِيَسَارَةِ مَؤُونَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْزِعْ مَالَهُ مِنْهُ، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ، أَوْ حَمَلَ لَهُ بِضَاعَتَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالُهُ فَعَلَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ مَالَهُ، فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْقِرَاضِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ شَرْطٌ، أَوْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ صَنَعَ ذَلِكَ الْعَامِلُ لِصَاحِبِ الْمَالِ، لِأَنْ يُمْسِكَ الْعَامِلُ مَالَهُ، وَلَا يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ. وَهُوَ مِمَّا يَنْهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ.
30946 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْبَابِ صَحِيحٌ وَاضِحٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاضِ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ مَعْلُومَةً، وَكَذَلِكَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنَ الرِّبْحِ لَا تَكُونُ أَيْضًا إِلَّا مَعْلُومَةً، فَإِذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِضَاعَةً يَحْمِلُهَا لَهُ وَيَعْمَلُ فِيهَا، فَقَدِ ازْدَادَ عَلَى الْحِصَّةِ الْمَعْلُومَةِ مَا تَعُودُ بِهِ مَجْهُولَةً ; لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْبِضَاعَةِ لَهُ أُجْرَةٌ يَسْتَحِقُّهَا الْعَامِلُ، فِيهَا قَدِ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ، وَالسَّلَفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ هُوَ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ عَقْدِ الْقِرَاضِ، وَأَمَّا إِنْ تَطَوَّعَ مِنْهُمَا مُتَطَوِّعٌ فَلَا بَأْسَ إِذَا

الصفحة 177