كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 21)

30256 - وَهُوَ إِذَا صَحَّ، وَصَرَّحَ بِهِ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَأَجَازَ الْوَجْهَ الْآخِرَ ; لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ عِنْدَهُ إِلَّا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ، وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ جَائِزٌ عِنْدَهُ فِي أَصْلِ مَذْهَبِهِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ.
30257 - وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، وَالْكُوفِيُّونَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ بَيْعٌ، وَإِجَارَةٌ ; لِأَنَّ الثَّمَنَ - حِينَئِذٍ - يَكُونُ مَجْهُوَلًا عِنْدَهُمْ ; لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَبْلَغُهُ مِنْ مَبْلَغِ حَقَّ الْإِجَارَةِ فِي عَقْدِ السِّلْعَةِ، وَالْإِجَارَةُ أَيْضًا بَيْعُ مَنَافِعَ، فَصَارَ ذَلِكَ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ.
30258 - وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَيْضًا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ ; لِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ، وَلِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ انْعَقَدَتْ مَعَ الشَّرِكَةِ، وَالشَّرِكَةُ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْقَبْضِ ; لِأَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَهَا مَا تَجْهَلُ بِهِ مَبْلَغَ ثَمَنِهَا عَلَى مَا وَصَفْنَا.
30259 - وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُسَلِّفُ رَجُلًا سَلَفًا لِمُشَارَكَةٍ، فَمَرَّةً أَجَازَهُ، وَمَرَّةً كَرِهَهُ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ.
30260 - وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَازَ ذَلِكَ، فَرَوَى ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَسْلَفَهُ لِيُقَادَهُ وَيَضُرَّهُ بِالتِّجَارَةِ، ثُمَّ جَعَلَ مِثْلَ مَا أَسْلَفَهُ وَتَشَارَكَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ جَرَّ إِلَى نَفْسِهِ بِسَلَفِهِ مَنْفَعَةً، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ، وَالْمَعْرُوفِ.

الصفحة 19