كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 21)

30364 - قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْبِضَ مَنْ أَسْلَفَ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ، مِمَّنْ أَسْلَفَهُ ذَلِكَ، أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ مِنْهُمَا، أَوْ عَادَةٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ، أَوْ وَأْيٍ، أَوْ عَادَةٍ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى جَمَلًا رَبَاعِيًا خِيَارًا مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اسْتَسْلَفَ دَرَاهِمَ، فَقَضَى خَيْرًا مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْتَسْلِفِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ وَلَا وَأْيٍ وَلَا عَادَةٍ، كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِهِ.
30365 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمَ خِلَافًا فِيمَنِ اشْتَرَطَ لِلزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ أَنَّهُ رِبًا حَرَامٌ، لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَأَمَّا الْعَادَةُ، فَيُكْرَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَالْكُوفِيِّينَ، وَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ حَرَامًا ; لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ، إِذَا وَقَعَ، وَلَا تُعْلَمُ صِحَّتُهُ مَا لَمْ يَقَعْ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْطَعُ دُونَهَا وَأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَمْوَالِ، وَمَنْ حَكَمَ بِذَلِكَ اسْتَعْمَلَ الظَّنَّ، وَحَكَمَ بِغَيْرِ الْيَقِينِ، فَالْأَحْكَامُ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الْحَقَائِقِ، لَا عَلَى الظُّنُونِ، وَمَنْ تَوَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ نَالَ فَضْلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
30366 - وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَكْلُ هَدِيَّةِ الْغَرِيمِ، وَاخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا.

الصفحة 49