كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 21)

أَيُّوبَ، وَهِشَامٌ، وَحَبِيبٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: " مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ، لَا سَمْرَاءَ ".
30589 - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ، لَا سَمْرَاءَ ".
30590 - وَالسَّمْرَاءُ عِنْدَهُمُ الْبُرُّ، يَقُولُ: تَمْرٌ، لَا بُرٌّ.
30591 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ; " فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُبْتَاعَ الْمُصَرَّاةِ إِذَا حَلَبَهَا مَرَّةً، وَثَانِيَةً بَعْدَ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ ; لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ مُصَرَّاةً، لَمْ يَكُنْ فِي حَلْبَتِهِ الثَّالِثَةِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِهِ إِذَا قَامَ طَالِبًا لِرَدِّهَا بِمَا قَامَ لَهُ مِنْ تَصْرِيَتِهَا، فَلَوْ حَلَبَهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ كَانَ مِنْهُ رِضًى بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا.
30592 - وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْحَلْبَةَ الثَّالِثَةَ رِضًا مِنْهُ بِهَا.
30593 - وَكُلُّ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ. وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ.
3594 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ لَمَّا كَانَ لَبَنُهَا مَغِيبًا لَا يُوقَفُ عَلَى مَبْلَغِهِ لِاخْتِلَاطِ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَحْدُثُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ يَوْمِهِ، وَجَهِلَ مِقْدَارَهُ، وَأَمْكَنَ التَّدَاعِي فِي قِيمَةِ قَطْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّهُ فِيهِ مِنَ الصَّاعِ الْمَذْكُورِ، كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دِيَةِ الْجَنِينِ قَطَعَ فِيهِ بِالْغُرَّةِ حَسْمًا لِتَدَاعِي الْمَوْتِ فِيهِ وَالْحَيَاةِ ; لِأَنَّ الْجَنِينَ لَمَّا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي حِينِ

الصفحة 91