كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)
جَمِيعًا بِمَعْنَى وَاحِدٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ اسْتَعْدَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ ; أَنَّهُ ظَلَمَهُ حَدًّا فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَكَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ، وَرُبَّمَا لَعِبْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِيهِ، وَنَحْنُ غِلْمَانٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ، فَأْتِنِي بِأَبِي سُفْيَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَتَاهُ الْمَخْزُومِيُّ بِأَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ: انْهَضْ بِنَا إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَنَهَضُوا، وَنَظَرَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ ! خُذْ هَذَا الْحَجَرَ مِنْ هُنَا، فَضَعْهُ هَاهُنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ، فَعَلَاهُ عَمَرُ بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ خُذْهُ - لَا أُمَّ لَكَ - وَضَعْهُ هَاهُنَا، فَإِنَّكَ قَدِيمُ الظُّلْمِ، فَأَخَذَ أَبُو سُفْيَانَ الْحَجَرَ، وَوَضَعَهُ حَيْثُ قَالَ عُمَرُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى غَلَبْتَ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى رَأْيِهِ، فَأَذْلَلْتَهُ لِي بِالْإِسْلَامِ، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، الَّذِي لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى جَعَلْتَ فِي قَلْبِي مِنَ الْإِسْلَامِ مَا ذَلَلْتُ بِهِ لِعُمَرَ.
31597 - فَفِي هَذَا الْخَبَرِ قَضَاءُ عُمَرَ بِعِلْمِهِ فِيمَا قَدْ عَلِمَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ.
31598 - وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ عَلِمَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فِي مِصْرِهِ كَانَ أَوْ غَيْرِ مِصْرِهِ، لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُمْ بِعِلْمِهِ.
31599 - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَا عَلِمَهُ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ، أَوْ رَآهُ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ
الصفحة 14