كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)
الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَهُ.
32835 - وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي الثَّوْبِ وَالْخَشَبِ إِذَا قَطَعَهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا رَدَّهُمَا مَقْطُوعَيْنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقَطْعِ.
32836 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْقَطْعُ مِنَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّوْبِ، وَالصَّبْغُ الَّذِي يَنْقُصُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ الَّذِي أَعْطَاهُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ بِحَالِهِ كَمَا أَخَذَهُ، وَأَمَّا إِذَا زَادَ الصَّبْغُ فِي الثَّوْبِ، فَهُوَ عَيْنُ مَا لِلْمُشْتَرِي ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَمَنِ اتَّبَعَهُ فِي ذَلِكَ.
32837 - وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ لِلْمُشْتَرِي إِذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ مَا وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ، وَلِأَنَّهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَلِمَا وَصَفْنَا; لِأَنَّ الثَّوْبَ قَدْ دَخَلَهُ مَا غَيَّرَهُ عَنْ حَالِهِ الَّتِي بَاعَهَا عَلَيْهِ الْبَائِعُ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إِلَّا الرُّجُوعُ بِمَا دَلَّسَ لَهُ بِهِ الْبَائِعُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَهُمْ ; لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي ذَهَابِ الْأَمْوَالِ كَالْعَمْدِ.
32838 - وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِالْعَيْبِ، فَيَرُدُّ مَعَهُ قِيمَةَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنَ الْعَيْبِ، فَهُوَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ الْمَعْنَى; لِأَنَّهُ إِذَا رَدَّ قِيمَةَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنَ الْعَيْبِ، فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ بِحَالِهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ النُّقْصَانَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ.
32839 - وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَمْ يَبِنْ لَهُ الْعَيْبُ، فَقَدْ سَلَّطَهُ عَلَى الْقَطْعِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ الْفَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ، وَالْمُخَالِفُ لَهُ يَقُولُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ ; لِأَنَّ الْبَائِعَ كَمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ،
الصفحة 287