كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)
فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْوِيَةِ فِي الْعَطِيَّةِ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِنْ إِيجَابِ ذَلِكَ.
32887 - إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ فِي اسْتِحْبَابِهِمْ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ فِي الْعَطِيَّةِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطِيَّةِ:
32888 - فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ: التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ الذَّكَرَ مِثْلَ مَا يُعْطِي الْأُنْثَى، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ.
32889 - قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدِيثَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ، فَلَوْ كُنْتُ مُؤُثِرًا أَحَدًا أَثَرْتُ النِّسَاءَ عَلَى الرِّجَالِ.
32890 - وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ.
32891 - وَقَالَ آخَرُونَ: التَّسْوِيَةُ أَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، قِيَاسًا عَلَى قَسْمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ.
32892 - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
32893 - وَلَا أَحْفَظُ لِمَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا.
32894 - وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ: فَارْجِعْهُ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ لِابْنِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي هَذَا الْمَعْنَى.
32895 - فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَ لِابْنِهِ.
32896 - وَمَعْنَى الِاعْتِصَارِ عِنْدَهُمُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ.
الصفحة 297