كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)

32897 - وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِغَيْرِ الْأَبِ، إِلَّا أَنَّ الْأُمَّ عِنْدَهُمْ إِذَا وَهَبَتْ لِابْنِهَا شَيْئًا، وَهُمْ أَيْتَامٌ لَمْ تَرْجِعْ فِي هِبَتِهَا ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الصَّدَقَةِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَيْتَامًا، وَكَانَ أَبُوهُمْ حَيًّا كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا.
32898 - هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ أَصْلًا.
32899 - وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْجَدَّ لَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَ لِابْنِ ابْنِهِ.
32900 - وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفُ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ هِبَةً، ثُمَّ اسْتَحْدَثَ الْوَلَدُ دَيْنًا دَايَنَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الْهِبَةِ، أَوْ نَكَحَ، لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ - حِينَئِذٍ - الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ.
32901 - وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْهِبَةِ.
32902 - فَأَمَّا الصَّدَقَةُ، فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهَا لِلْأَبِ، وَلَا لِغَيْرِ الْأَبِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ; لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَمْ يَجُزِ الِاعْتِصَارُ وَالرُّجُوعُ فِيهِ، وَسَنَذْكُرُ مَا لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فِي بَابِ الِاعْتِصَارِ فِي الْهِبَةِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِذَلِكَ.
32903 - وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هُنَا قَوْلَ مَالِكٍ ; لِمَا ارْتَبَطَ بِهِ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ.
32904 - وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا: إِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ، فَمَنِ الْأُخْرَى ؟ فَأَجَابَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّ ذَا بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ أُرَاهَا جَارِيَةً، فَهَذَا مِنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ظَنٌّ لَمْ يُخَطِّئْهُ، فَكَانَتْ ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ جَارِيَةً أَتَتْ بَعْدَهُ، فَسُمِّيَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ.
32905 - وَأَمَّا بِنْتُ خَارِجَةَ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَاسْمُهَا حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ

الصفحة 298