كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)

الْوَاهِبِ، وَيَنْفَرِدَ بِهَا دُونَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ.
32920 - وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَاهَا نَحَلَهَا جَادًّا عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ وَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا بُنَيَّةُ، فَإِنِّي - وَاللَّهِ - إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي لَأَنْتِ، وَإِنَّ أَعَزَّ النَّاسِ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي لَأَنْتِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلَتُكِ جَادًّا عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي، وَوَدِدْتُ أَنَّكِ حُزْتِيهِ وَجَدَّدْتِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مِنْ مَالِ الْوَارِثِ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ، وَأُخْتَاكِ، قَالَتْ: هَذَا أَخَوَايَ، فَمَنْ أُخْتَايَ ؟ قَالَ: ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ، فَإِنِّي أَظُنُّهَا جَارِيَةً، قَالَتْ: لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ كَذَا وَكَذَا لَرَدَدْتُهُ.
32921 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: اتَّفَقَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْحِيَازَةِ لَهَا.
32922 - وَمَعْنَى الْحِيَازَةِ الْقَبْضُ بِمَا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَ تِلْكَ الْهِبَةِ.
32923 - إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي هِبَةِ الْمَشَاعِ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
32924 - وَالْهِبَةُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى مَا أَصِفُهُ لَكَ تَصِحُّ بِالْقَوْلِ مِنَ الْوَاهِبِ وَالْقَبُولِ مِنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، تَتِمُّ بِالْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ، وَمَا دَامَ الْوَاهِبُ حَيًّا، فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا الْوَاهِبَ حَتَّى يَقْبِضَهَا فَإِنْ قَبَضَهَا تَمَّتْ لَهُ، وَصَارَتْ مِلْكًا مِنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى يَمُوتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ عِنْدَهُ ; لِأَنَّهُمْ أَنْزَلُوهَا حِينَ وَهَبَهَا، وَلَمْ

الصفحة 302