كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)

يُسَلِّمْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ مَنْزِلَةَ مَنْ أَرَادَ إِخْرَاجَ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِ وَارِثٍ، وَكَانَتْ فِي يَدِهِ طُولَ حَيَاتِهِ، فَلَمْ يَرْضَ بِهَا بَعْدَ مَمَاتِهِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
32925 - هَذَا حُكْمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ إِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَهُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ عِنْدَهُ أَنْ يَقُومُوا مَقَامَهُ بِالْمُطَالَبَةِ لَهَا حَتَّى يُسَلِّمَ إِلَيْهِمُ الْوَاهِبُ.
32926 - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمُ: الْهِبَةُ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ مِنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَتَسْلِيمٍ مِنَ الْوَاهِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، فَهِيَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ بِهِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَاهِبَ بِتَسْلِيمِهَا ; لِأَنَّهَا مَا لَمْ تُقْبَضْ عِدَةً وَعَدَهُ بِهَا فَإِنْ وَفَّى حُمِدَ، وَإِنْ لَمْ يُوفِ بِمَا وَعَدَ، وَلَمْ يُوهِبْ بِمَا سَلَّمَ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
32927 - وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَصِحُّ الْهِبَةُ، وَالصَّدَقَةُ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ.
32928 - وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ وَجْهٍ لَا يَحْتَجُّ بِهِ.
32929 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اتَّفَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا مَقْبُوضَةً.
32930 - وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ أَنَّ الْهِبَةَ إِذَا كَانَتْ مِمَّا يُؤْكَلُ، أَوْ يُوزَنُ لَمْ يَصَحَّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بِالْقَبْضِ، وَمَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ، فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ بِالْقَوْلِ، وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ، وَذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ.

الصفحة 303