كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 22)

31568 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ:
أَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ، وَإِذَا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ يَعْرِفُونَ بِهَذَا، فَكَيْفَ يَصِحُّ لِأَحَدٍ دَعْوَى ذَلِكَ ؟ وَهَلْ يَحْصُلُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَ مُدَّعِيهِ إِلَّا التَّخَرُّصُ، وَالتَّظَنُّنُ بِالنَّجَامَةِ، أَوْ بِالتَّكَهُّنِ، الَّذِي هُوَ كُلُّهُ إِلَّا يَسِيرٌ مِنْهُ ظَنٌّ كَذِبٌ ; لِأَنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا عِلْمٌ صَحِيحٌ مُتَيَقِّنٌ مُتَبَيَّنٌ، فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
31569 - وَأَمَّا قَوْلُهُ:فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ يَعْنِي: أَفْطَنَ لَهَا، وَأَجْدَلَ بِهَا.
31570 - قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: اللَّحَنُ بِفَتْحِ الْحَاءِ: الْفِطْنَةُ، وَاللَّحْنُ بِجَزْمِ الْحَاءِ الْخَطَأُ فِي الْقَوْلِ.
31571 - وَفِيهِ أَنَّ الْقَاضِي إِنَّمَا يَقْضِي عَلَى الْخَصْمِ بِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ مِنْ إِقْرَارٍ، أَوْ إِنْكَارٍ أَوْ بَيِّنَاتٍ عَلَى حَسَبِ مَا أَمْكَنَتْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ.
31572 - وَفِيهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِكُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ عِنْدَهُ - الْمُقِرُّ لِمَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ ; لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَأَقْضِيَ لَهُ بِمَعْنَى أَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا أَسْمَعُ مِنْهُ، يُرِيدُ أَوْ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي ; لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ مِمَّا يَحْتَاجُ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ.
31573 - وَلَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ عِنْدَهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ بِمَا قَدِ اسْتَوْعَبَ سَمَاعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ جَحَدَ الْمُقِرُّ إِقْرَارَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَهُ ذَلِكَ شَهِيدَانِ وَجَبَ عَلَى

الصفحة 9