كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 23)

34555 - وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ: لَا يَكُونُونَ حُمَلَاءً، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ السَّيِّدُ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي مُكَاتَبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ كَاتَبَتْ عَلَى بَنِيهَا، فَأَدَّتْ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ ; عَنْهَا وَعَنْهُمْ، أَوْ أَدَّى الْكِتَابَةَ مِنْهُمْ، أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَنْ أَدَّاهَا مِنْهُمْ بِشَيْءٍ عَلَى غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
34556 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحُّ حِمَالَةُ الْمُكَاتَبِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، كَمَا لَا تَصِحُّ حِمَالَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ عَنْهُمْ ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ لِعِوَضِهَا، بِالْمَوْتِ وَالْعَجْزِ أَيْضًا، وَلَا يَضْرِبُ بِمَا حَمَلَ مِنْهَا السَّيِّدُ مَعَ الْغُرَمَاءِ، عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
34557 - وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمْ.
34558 - وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا، إِذَا لَمْ يُؤَدِّ كِتَابَتَهُ كُلَّهَا، وَإِذَا مَاتَ عَبْدًا، فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ، فَكَيْفَ يُؤَدِّي مِنْ مَالِ السَّيِّدِ عَنْ بَنِي مُكَاتَبِهِ ؟ وَهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا مِيرَاثًا، وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرْثُهُ حُرٌّ، وَلَا عَبْدٌ، وَأَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمِيرَاثَ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ فِي حِينِهِ، فَكَيْفَ يَعْتِقُ مَنْ مَعَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بِالْأَدَاءِ عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَرِثُونَهُ بَعْدُ ؟ هَذَا مُحَالٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا حِينَ مَاتَ أَبُوهُمْ، أَوْ عَبِيدًا حِينَ مَاتَ، ثُمَّ عَتَقُوا بَعْدُ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَرِثُوهُ.

الصفحة 279