كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 23)

34755 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَتْ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ مَالًا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الْعَهْدِ الْحَدِيدَ، وَالنُّحَاسَ، وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَمَّا مَا يَتَغَيَّرُ عَلَى الْمُكْثِ، أَوْ كَانَتْ لِحُمُولَتِهِ مُؤْنَةٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ إِلَّا فِي مَوْضِعِهِ.
34756 - قَالَ: فَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقِ حِرَابَةٍ، أَوْ فِي بَلَدٍ فِيهِ نَهْبٌ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَاتَبَهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ.
34757 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ: عَلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ قَبُولُ الْكِتَابَةِ مِنْهُ مَرِيضًا كَانَ الْمُكَاتَبُ أَوْ صَحِيحًا ; لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ عَقْدُ عِتْقٍ عَلَى صِفَةٍ، وَهِيَ الْأَدَاءُ، فَإِذَا أَدَّاهَا لَزِمَ السَّيِّدَ قَبُولُهَا، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمُكَاتَبِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأْخِيرَ إِنَّمَا كَانَ رِفْقًا بِالْمُكَاتَبِ لَا بِالسَّيِّدِ، فَإِذَا رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِتَعْجِيلِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَكُنْ لِامْتِنَاعِ السَّيِّدِ مِنْ ذَلِكَ وَجْهٌ إِلَّا الْإِضْرَارُ، فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ، وَيُجْبَرَ عَلَى الْقَبُولِ لِلْمَالِ ; لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ لَهُمَا جَمِيعًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

الصفحة 321