كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 23)

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ مَحْوُ كِتَابَتِهِ بِيَدِهِ إِنْ فَعَلَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلْيَرْفَعَ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ، وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ وَلَا يُسَافِرَ، وَلَا يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِ سَيِّدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَنْطَلِقُ فَيَنْكِحُ الْمَرْأَةَ، فَيُصْدِقَهَا الصَّدَاقَ الَّذِي يُجْحِفُ مَالَهُ، وَيَكُونُ فِيهِ عَجْزُهُ، فَيَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهِ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ، أَوْ يُسَافِرُ فَتَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ غَائِبٌ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا عَلَى ذَلِكَ كَاتَبَهُ، وَذَلِكَ بِيَدِ سَيِّدِهِ، إِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ.
34805 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَمَّا قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ، فَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَتَسَرَّى بِحَالٍ.
34806 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمَا ; أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَسَرَّى بِحَالٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ تَسَرِّي الْعَبْدِ، فِي مَوْضِعِهَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
34807 - ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ: هَلْ يُكْتَبُ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ، ( ( أَنَّكَ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِي ) ) ؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: لِمَ ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَأَنْ يَبْتَغِيَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَالْخُرُوجُ مِنَ الطَّلَبِ.

الصفحة 332