كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 23)

عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ.
35045 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ قَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الثُّلُثِ، وَكُلَّ مَا كَانَ فِي الثُّلُثِ، فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا.
35046 - وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَقَبْلَ الْمِيرَاثِ، وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا يُتَعَدَّى بِهَا الثُّلُثُ، فَلِهَذَا قَالَ: إِنَّ الْمُدَبَّرَ كُلَّهُ فِي الدَّيْنِ، إِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِهِ، أَوْ يُبَاعُ بَعْضُهُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ فِي الْمِيرَاثِ ; تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ.
35047 - وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ عِتْقٌ وَلَا تَدْبِيرٌ، وَيُرَدُّ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ ; لِأَنَّ الدَّيْنَ أَدَاؤُهُ فَرْضٌ، وَالْعِتْقَ تَطَوُّعٌ.
35048 - وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، يَقُولُونَ: إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى سَيِّدِ الْمُدَبَّرِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ، سَعَى فِي قِيمَتِهِ، وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الدَّيْنِ.
35049 - وَمِنْ حُجَّتِهِمْ، أَنَّ الْمُدَبَّرَ، لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الْحَيَاةِ، مِنْ أَجْلِ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا بِالْمَوْتِ، كَانَ أَوْلَى أَلَّا يُبَاعَ فِي الْحَالِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْحُرِّيَّةَ، وَهِيَ مَوْتُ سَيِّدِهِ.
35050 - وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ ; فَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ وَصِيَّةٌ يَبِيعُهُ سَيِّدُهُ فِي حَيَاتِهِ إِنْ شَاءَ،

الصفحة 388