كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 23)
بَعْضَ وَرَثَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَقْبِضْهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْوَرَثَةِ مِيرَاثًا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ; لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ، وَلَا يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
33465 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذِهِ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ، لَمْ يُعْلَمْ بِهَا إِلَّا فِي الْمَرَضِ، أَوْ عَطِيَّةٌ مِنْ صَحِيحٍ ذَكَرَهَا فِي وَصِيَّتِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهِ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ، فَإِذَا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ لَمْ يَجُزْ، وَلَا سَبِيلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ إِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ شَيْءٌ يُنْقَلُ إِلَى حُكْمِ الصِّحَّةِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ.
33466 - وَهَذَا رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَصْنَعَ، وَهُوَ مَرِيضٌ صَنِيعَ صَحِيحٍ، فَيُعْطِي الْوَارِثَ وَهُوَ مَرِيضٌ عَطِيَّتَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَلَمْ يُجِزْ لَهُ ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ، إِلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ مَرِيضٌ: كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا فِي صِحَّتِي لَمْ يَقْبِضْهُ وَأَنَا أُوصِي بِهِ لَهُ الْآنَ، فَهَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
33467 - وَلَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ، وَقَدْ قَالَ: أَنْفِذُوا لَهُ مَا أَعْطَيْتُهُ فِي الصِّحَّةِ، فَقَدْ أَوْصَيْتُ لَهُ بِهِ، وَأَنْفَذْتُهُ لَهُ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا مِنْ ثُلُثِهِ، رَضِيَ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَرْضَوْا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ إِجَازَتِهِمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَا.
33468 - وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا.
الصفحة 58