كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 24)

35122 - وَفِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ، إِذَا ارْتَفَعُوا إِلَيْنَا مُتَحَاكِمِينَ، رَاضِينَ بِحُكْمِنَا فِيهِمْ، وَكَانَتْ شَرِيعَتُنَا مُوَافِقَةً فِي ذَلِكَ لِحُكْمِ شَرِيعَتِهِمْ، جَازَ لَنَا أَنْ نَظْهَرَ عَلَيْهِمْ بِكِتَابِهِمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الشَّرِيعَةُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ مُوَافِقَةً لِحُكْمِهِمْ، حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْقُرْآنِ، إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، وَرَضُوا بِحُكْمِنَا، وَيَتَحَمَّلُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خُصُوصًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ، لَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَهُ، وَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) [ الْعَنْكَبُوتِ: 51 ] وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
35123 - وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، إِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْنَا، فِي خُصُومَاتِهِمْ وَسَائِرِ مَظَالِمِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ ؛ هَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَرْضًا وَاجِبًا ؟ أَمْ نَحْنُ فِيهِ مُخَيَّرُونَ ؟.
35124 - فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ ؛ إِنَّ الْإِمَامَ، وَالْحَاكِمَ يُخَيَّرُ ؛ إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ.
35125 - وَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ، لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) [ الْمَائِدَةِ 42 ].
35126 - وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ ؛ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ.
35127 - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ.

الصفحة 12