كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 24)

35672 - قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدَ فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ.
35673 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: ظَنَّ دَاوُدُ، وَأَهِلُ الظَّاهِرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزَ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إِنَّمَا جَلَدَ الْعَبْدُ فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ ؛ فِرَارًا عَنْ قِيَاسِ الْعَبِيدِ عَلَى الْإِمَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ نَفْسُ الْقِيَاسِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ فِي كُلِّ مَنْ قَذَفَ مُحْصَنَةً أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ.
35674 - وَالْمُحْصَنَاتُ لَا يَدْخُلُ فِيهِنَّ الْمُحْصَنُونَ إِلَّا بِالْقِيَاسِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمُحْصَنِينَ فِي ذَلِكَ كُلَّهُمْ حُكْمُهُمْ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُحْصَنَاتِ قِيَاسًا، وَأَنَّ مَنْ قَذَفَ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا، كَمَنْ قَذَفَ حُرَّةً عَفِيفَةً مُسْلِمَةً.
35675 - هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؛ فَمَنْ رَأَى الْحَدَّ حَقًّا يَجِبُ لِلْمَقْذُوفِ، سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، قَالَ: حَدُّ الْقَاذِفِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ، ثَمَانُونَ جَلْدَةً، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ قَاذِفًا حُرًّا مِنْ قَاذِفٍ عَبْدٍ، إِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ حُرًّا مُسْلِمًا، فَلَيْسَ هَاهُنَا نَفْيُ قِيَاسٍ لِمَنْ أَنْعَمَ النَّظَرَ، وَسَلِمَ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَمَنْ قَالَ: الْحَدُّ إِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ الْقَاذِفُ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا حُدِّ حَدَّ الْعَبِيدِ، كَمَا يُضْرَبُ فِي الزِّنَا نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ، إِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ الْقَاذِفُ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

الصفحة 120