كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 24)
حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرُدُّهُمُ الْحَاكِمُ إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ.
35146 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا كَانُوا يَدِينُونَ بِهِ، فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِإِبْطَالِهِ، إِذَا لَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْنَا، وَلَا يُكَفُّوا عَمَّا اسْتَحَلُّوا، مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهِدٍ، أَوْ مُسْتَأْمَنٍ.
35147 - قَالَ: وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ تَسْتَعْدِي بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، أَوْ آلَى مِنْهَا، حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ.
35148 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ - عِنْدِي - أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَسْخِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلَّا بِمَا قَامَ بِهِ الدَّلِيلُ، الَّذِي لَا مَدْفَعَ لَهُ، وَلَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) الْآيَةَ [ الْمَائِدَةِ: 49 ] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) الْآيَةَ [ الْمَائِدَةِ: 42 ] ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ مَعْنَاهَا أَنْ تَكُونَ: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِنْ حَكَمْتَ، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ، فَتَكُونُ الْآيَتَانِ مُحْكَمَتَيْنِ، مُسْتَعْمَلَتَيْنِ، غَيْرَ مُتَدَافِعَتَيْنِ.
35149 - نَقِفُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ لَا تَنَازُعَ فِيهِ، أَوْ لِسُنَّةٍ لَا مَدْفَعَ لَهَا، أَوْ يَكُونُ التَّدَافُعُ فِي الْآيَتَيْنِ غَيْرَ مُمْكِنٍ فِيهِمَا اسْتِعْمَالُهُمَا، وَلَا اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا، أَنْ لَا يَدْفَعَ الْأُخْرَى، فَيَعْلَمُ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لَهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الصفحة 16