كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 24)
35150 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي الْيَهُودَيْنِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، إِذَا زَنَيَا، هَلْ يُحَدَّانِ إِذَا رَفَعَهُمَا حُكَّامُهُمْ إِلَيْنَا، أَمْ لَا ؟.
35151 - فَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا زَنَا أَهْلُ الذِّمَّةِ، أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ فَلَا يَعْرِضُ لَهُمُ الْإِمَامُ، إِلَّا أَنْ يُظْهِرُوا ذَلِكَ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُدْخِلُوا عَلَيْهِمُ الضَّرَرَ، فَيَمْنَعَهُمُ السُّلْطَانُ مِنَ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ.
35152 - وَإِنَّمَا رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَهُودِيَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْيَهُودِ - يَوْمَئِذٍ - ذِمَّةٌ، وَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ.
35153 - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: يُحَدَّانِ إِذَا زَنَيَا، كَحَدِّ الْمُسْلِمِ.
35154 - وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ ؛ قَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ: إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فَلَنَا أَنْ نَحْكُمَ أَوْ نَدَعَ، فَإِنْ حَكَمْنَا حَدَدْنَا الْمُحْصَنَ بِالرَّجْمِ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا، وَجَلَدْنَا الْبِكْرَ مِائَةً، وَغَرَّبْنَاهُ عَامًا.
35155 - وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ: لَا خِيَارَ لِلْإِمَامِ، وَلَا لِلْحَاكِمِ، إِذَا جَاءَهُ فِي حَدِّ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِمْ ؛ فِي قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ: (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) الْآيَةَ [ التَّوْبَةِ: 29 ] وَالصَّغَارُ أَنْ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ.
35156 - وَهَذَا الْقَوْلُ، اخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، وَاخْتَارَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.
35157 - وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ، حِينَ ذَكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ: إِنَّمَا رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الصفحة 17