كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 24)

36501 - وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنْ يُحَرِّمَ مَا قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، دَلِيلٌ اسْتَدَلَّ بِهِ، وَوَجْهٌ مِنَ الْعِلْمِ ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا تَكْفِيرٌ وَلَا خُرُوجٌ مِنَ الدِّينِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الْخَطَأُ وَالصَّوَابُ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ.
36502 - وَقَدْ شَرِبَ النَّبِيذَ الصُّلْبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْعِرَاقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلَّا الْمُسْكِرُ.
36503 - وَرَوَوْا بِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ آثَارًا عَنْ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ، إِلَّا أَنَّ آثَارَ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ أَصَحُّ مَخْرَجًا، وَأَكْثَرُ تَوَاتُرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، لَا شَرِيكَ لَهُ.
36504 - وَرُوِّينَا عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يَقُولُ: مَا أَعْجَبَ أَمْرَ هَؤُلَاءِ ؟ ! يَعْنِي أَهْلَ الْكُوفَةِ ؛ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ: عَلْقَمَةَ، وَشُرَيْحًا، وَمَسْرُوقًا، وَعُبَيْدَةَ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَشْرَبُونَ نَبِيذَ الْخَمْرِ، فَلَا أَدْرِي أَيْنَ غَاصَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.
36505 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا يُصَحِّحُ قَوْلَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَحَلَّ الْمُسْكِرَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.
36506 - وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ

الصفحة 307