كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 25)
يَجُزْ أَنْ يُشَرَّعَ لِلنَّاسِ شَرْعٌ، لَا يَتَجَاوَزُ بِالرَّأْيِ، وَلَزِمَ الْإِمَامُ فِي مَا يَنْزِلُ بِالنَّاسِ، مِمَّا لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا تَوْقِيفَ، إِلَّا الِاجْتِهَادَ فِي الْحُكْمِ، وَمُشَاوَرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى شَيْءٍ، أَنْفَذَهُ، وَقَضَى بِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا، نَظَرَ وَاجْتَهَدَ.
37297 - وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، عِنْدَ أُولِي الْعِلْمِ، وَالْفَهْمِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
37298 - وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: فِي كُلِّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ، ثُلُثُ دِيَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ، فَإِنَّهُ قَاسَهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى الْجَائِفَةِ، لِأَنَّهَا جِرَاحَةٌ تَنْفُذُ إِلَى الْجَوْفِ، وَالْجَوْفُ مَقْتَلٌ، وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَتِ النَّافِذَةُ فِي عُضْوٍ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ، وَأُصِيبَتْ خَطَأً، فَفِي تِلْكَ النَّافِذَةِ ثُلُثُ دِيَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ، وَذَلِكَ نَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ.
37299 - وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَا تَقَدَّمَ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ.
37300 - قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، فَمَا كَانَ فِي الْجَسَدِ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الِاجْتِهَادُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَلَا أَرَى اللَّحْيَ الْأَسْفَلَ وَالْأَنْفَ مِنَ الرَّأْسِ فِي جِرَاحِهِمَا، لِأَنَّهُمَا عَظْمَانِ مُنْفَرِدَانِ، وَالرَّأْسُ، بَعْدَهُمَا، عَظْمٌ وَاحِدٌ.
الصفحة 132