كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 25)
أَشْرَافُ الْعَرَبِ، وَرُءُوسُ الْأَجْنَادِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ زَنَى وَلَمْ يَرَوْهُ، أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ أَنَّهُ سَرَقَ، وَلَمْ يَرَوْهُ، أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ ؟ قَالَ: لَا.
38434 - قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: وَقَدْ تَيَسَّرَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ لِيَحْلِفُوا فِي الْقَسَامَةِ، فَقَالَ سَالِمٌ: يَا آلَ عِبَادِ اللَّهِ ! لَقَوْمٌ يَحْلِفُونَ عَلَى مَا لَمْ يَرَوْهُ، وَلَمْ يَحْضُرُوهُ، وَلَمْ يَشْهَدُوهُ، وَلَوْ كَانَ لِي أَوْ إِلَيَّ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، لَعَاقَبْتُهُمْ، أَوْ لَنَكَلْتُهُمْ، أَوْ لَجَعَلْتُهُمْ نَكَالًا، وَمَا قَبِلْتُ لَهُمْ شَهَادَةً.
38435 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَمَّا الَّذِينَ دَفَعُوا الْقَسَامَةَ جُمْلَةً، وَأَنْكَرُوهَا، وَلَمْ يَقُولُوا بِهَا، فَإِنَّمَا رَدُّوهَا بِآرَائِهِمْ لِخِلَافِهَا لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ " الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ ".
38436 - وَالِاعْتِرَاضُ بِهَذَا عَلَى رَدِّ الْقَسَامَةِ فَاسِدٌ، لِأَنَّ الَّذِي سَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ فِي الْأَمْوَالِ، هُوَ الَّذِي خَصَّ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْقَسَامَةِ، وَبَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
38437 - وَكَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى الدِّمَاءِ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَارَتْ سُنَّةً، بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الَّتِي سَنَّ فِيهَا يَمِينًا وَاحِدَةً.
38438 - وَالْأُصُولُ لَا يُرَدُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يُقَاسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، بَلْ
الصفحة 328