كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 25)
38454 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْعَفْوِ، وَبِالَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا، أَنَّ سَائِرَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ وَارِثٍ لَهُ الْعَفْوُ، وَهُوَ وَلِيُّ الدَّمِ.
38455 - وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ، أَنَّ الْعَقْلَ لَمَّا كَانَ عَلَى الْعَصَبَةِ دُونَ مَنْ كَانَ مِنَ الْوَرَثَةِ، كَانُوا أَوْلَى بِالدَّمِ، وَبِالْعَفْوِ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ، لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا، وَقَضَى بِهَا عُمَرُ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَغَيْرُهُمَا، أَنَّ الْمَرْأَةَ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، وَلَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ، فَالْقِيَاسُ عَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الْعَقْلُ لَازِمًا لَهُ، كَانَ وَلِيًّا لِلدَّمِ، وَكَانَ لَهُ الْعَفْوُ، دُونَ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ.
38456 - وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ، وَالْكُوفِيِّينَ، أَنَّهَا دِيَةٌ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهَا، كَانَ وَلِيًّا لَهَا، وَجَازَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَعَنْ نَصِيبِهِ مِنْهَا.
38457 - قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّ عَفَتِ الْعَصَبَةُ أَوِ الْمَوَالِي، بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقُّوا الدَّمَ، وَأَبَى النِّسَاءُ، وَقُلْنَ: لَا نَدْعُ قَاتِلَ صَاحِبِنَا، فَهُنَّ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِذَلِكَ، لِأَنَّ مَنْ أَخَذَ الْقَوَدَ أَحَقُّ مِمَّنْ تَرَكَهُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ، إِذَا ثَبَتَ الدَّمُ وَوَجَبَ الْقَتْلُ.
38458 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لِقَوْلِ مَالِكٍ هَذَا، بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ) [ الْبَقَرَةِ: 179 ].
38459 - وَفِيهِ مِنَ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ وَالتَّشْدِيدِ مَا فِيهِ، فَكَانَ الْقَائِمُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّنْ عُفِيَ عَنْهُ، وَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعْلَمُ.
38460 - وَحُجَّةُ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ، أَنَّ الْوَلِيَّ لَهُ السُّلْطَانُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ فِي
الصفحة 333