كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)

الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ لِوَطَنِهِ، وَالْمُقَامِ مَعَهُ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ الْبَيْعَاتِ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ.
38544 - وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَهَا وَشَوَاهِدَهَا فِي " التَّمْهِيدِ " فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَكَانَ عَلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَرْضًا إِذَا أَسْلَمُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَارٌ غَيْرَهَا، وَيُقِيمُ مَعَهُمْ، لِصَرْفِهِمْ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ غَزْوِ الْكُفَّارِ، وَحِفْظِ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ أَرَادَهَا مِنْهُمْ، وَلِإِرْسَالِ مَنِ احْتَاجَ إِلَى إِرْسَالِهِ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ سِيرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ مَكَّةَ.
38545 - وَكَانَ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ فِي دَارِ الْكُفْرِ مُسْلِمًا حَرَامًا عَلَيْهِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ ".
38546 - وَكَذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِمْ حَرَامًا رُجُوعُهُمْ مِنْ هِجْرَتِهِمْ إِلَى أَعْرَابِيَّتِهِمْ، أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "آكِلُ الرِّبَا وَمُوكِلُهُ، وَكَاتِبُهُ، وَشَاهِدَاهُ، إِذَا عَلِمُوا بِهِ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ لِلْحُسْنِ، وَلَاوِي الصَّدَقَةِ، وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ - مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الصفحة 21