كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)
38555 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى ". يُرِيدُ أَنَّهُ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ إِلَى قَرْيَةٍ يَفْتَحُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ مِنْهَا الْقُرَى الْكَثِيرَةَ.
38556 - وَكَذَلِكَ فَتَحَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِرَحْمَتِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ اسْمُهَا يَثْرِبَ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ.
38557 - وَأَمَّا قَوْلُهُ: " تَنْفِي النَّاسَ ". فَكَلَامُ عُمُومٍ مَعْنَاهُ الْخُصُوصُ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْفِ مِنَ النَّاسِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي حَيَاتِهِ إِلَّا مَنْ لَا إِيمَانَ لَهُ وَلَا خَيْرَ فِيهِ مِمَّنْ رَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُصْرَتِهِ وَصُحْبَتِهِ.
38558 - وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى صُحْبَتِهِ وَالْمُقَامِ مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ خُرُوجُ الْجِلَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَسَائِرِ بُلْدَانِ الْإِسْلَامِ، يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الدِّينَ وَالْقُرْآنَ، فَكَمْ مِنْهُمْ سَكَنَ حِمْصَ وَدِمَشْقَ، وَسَائِرَ دِيَارِ الشَّامِ، وَكَمْ مِنْهُمْ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ، وَغَيْرَهَا وَسَائِرَ دِيَارِ الْعِرَاقِ، وَمَا وَرَاءَهَا، وَلَمْ يَخْتَطَّ مَنِ اخْتَطَّ الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ وَغَيْرَهَا مِنْهُمْ إِلَّا بِإِذْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
1640 - مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا، إِلَّا أَبْدَلَهَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ ".
الصفحة 25