كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)
حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ ".
39503 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: حَمَلَ قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى الْمَجَازِ فِي أَكْلِ الشَّيْطَانِ وَشُرْبِهِ، قَالُوا: الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْأَكْلَ بِالشِّمَالِ يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ، كَمَا قِيلَ فِي الْخَمْرِ " زِينَةُ الشَّيْطَانِ "، وَفِي الِاقْتِعَاطِ بِالْعِمَامَةِ " عِمَّةُ الشَّيْطَانِ "، أَيْ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَرْضَاهَا وَيُزَيِّنُهَا، وَكَذَلِكَ يَدْعُو إِلَى الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَيُزَيِّنُهُ، لِيُوَاقِعَ الْمَرْءُ مَا نُهِيَ عَنْهُ.
39504 - وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا مَعْنَى بِحَمْلِ شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ إِذَا أَمْكَنَتْ فِيهِ الْحَقِيقَةُ بِوَجْهٍ مَا.
39505 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَصٌّ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ.
39506 - وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ: "إِنَّ ذَلِكَ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ ".
39507 - وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: "إِنَّ طَعَامَ الْجِنِّ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَمَا لَمْ يُغْسَلْ مِنَ الْأَيْدِي وَالصِّحَافِ، وَشَرَابُهُمُ الْجَدَفُ " وَهُوَ الرَّغْوَةُ وَالزَّبَدُ.
الصفحة 254