كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)

فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ السَّائِلَ الطَّوَّافَ.
39516 - وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ: "لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ: لَيْسَ الطَّوَّافُ بِالْمِسْكِينِ حَقًّا إِنَّمَا الْمِسْكِينُ حَقًّا الْمِسْكِينُ الَّذِي تَبْلُغُ بِهِ الْمَسْكَنَةُ وَالْفَقْرُ وَالضَّعْفُ وَالْحَيَاءُ مَبْلَغًا يُقْعِدُهُ عَنِ التَّطْوَافِ وَالسُّؤَالِ، وَلَا يَفْطَنُ لَهُ مُتَصَدِّقٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَبْلُغُ بِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) [ الْبَقَرَةِ: 177 ] أَيْ لَيْسَ فِعْلُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بِرًّا يَبْلُغُ بِهِ الْأَمْرُ، (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ( [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ 177 ].
39517 - وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ " أَيْ لَيْسَ كُلُّ الْبِرِّ لِأَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ بِرٌّ أَيْضًا.
39518 - فَقَالَ يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَمَا الْمِسْكِينُ ؟ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رَوَاةُ " الْمُوَطَّأِ ".
39519 - وَقَالَ غَيْرُهُمْ فَمَنِ الْمِسْكِينُ ؟ وَهَذَا أَبْيَنُ فِيمَنْ يَعْقِلُ، وَأَشْهَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
39520 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ: 60 ].

الصفحة 257