كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)

38570 - وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَفَسَّرَهُ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ: يُزَيِّنُونَ لَهُمُ الْبَلَدَ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ، وَيُحَبِّبُونَهُ إِلَيْهِمْ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الرَّحِيلِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ إِلْبَاسِ الْحَلُوبَةِ عِنْدَ حِلَابِهَا كَيْ تُدِرَّ بِاللَّبَنِ، وَهُوَ أَنْ يَجُرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهَا وَصَفْحَةِ عُنُقِهَا أَنَّهُ يُزَيِّنُ ذَلِكَ عِنْدَهَا.
38571 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ". فَالْخَيْرُ هَاهُنَا مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ لِأَنَّ سُكْنَى الْمَدِينَةِ لِلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي الصَّلَاةُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الصَّلَاةِ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَأَفْضَلُ بِأَلْفِ دَرَجَةٍ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ.
38572 - وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ هَذَا مَكَّةَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كَمَا تُفْتَحُ الشَّامُ وَالْعِرَاقُ وَالْيَمَنُ بَعْدَهُ لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْهِجْرَةَ عَلَى أَهْلِهَا خَاصَّةً فَرْضًا أَنْ لَا يَنْصَرِفَ أَحَدٌ مِنْ مُهَاجِرِيهَا إِلَيْهَا أَبَدًا، وَلَا يَسْتَوْطِنُهَا، وَلَا يَنْزِلُهَا إِلَّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَتِ الْبَيْعَةُ لِلْأَنْصَارِ، إِلَّا أَنَّ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْ أَهْلِهَا إِلَّا يَوْمَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ لَيْسَ مِمَّنْ وَصَفْنَا حُكْمَهُ.
38573 - وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي " التَّمْهِيدِ ".
1642 - مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ حِمَاسٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَتُتْرَكَنَّ الْمَدِينَةُ عَلَى أَحْسَنَ مَا كَانَتْ، حَتَّى يَدْخُلَ الْكَلْبُ

الصفحة 28