كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)
فِي الْأَمْرِ بِإِخْرَاجِ الْأَزْوَادِ، وَجَمْعِهَا، وَالْمُوَاسَاةِ عَلَى التَّسَاوِي فِيهَا، فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِلْإِمَامِ عِنْدَ قِلَّةِ الطَّعَامِ، وَارْتِفَاعِ السِّعْرِ، وَعَدَمِ الْقُوتِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ يَفْضُلُ عَنْ قُوتِهِ بِإِخْرَاجِهِ لِلْبَيْعِ، وَرَأَى أَنَّ إِجْبَارَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْفِيقِ النَّاسِ، وَصَلَاحِ حَالِهِمْ، وَإِحْيَائِهِمْ وَالْإِبْقَاءِ عَلَيْهِمْ.
39763 - وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْعَلُ مَعَ كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ مِثْلَ عَدَدِهِمْ عَامَ الرَّمَادَةِ، وَيَقُولُ، لَنْ يَهْلَكَ امْرُؤٌ عَنْ نِصْفِ قُوتِهِ.
39764 - وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى الْأَزْوَادِ الَّذِي أَتَتِ السُّنَّةُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَإِدْخَالِ الرِّفْقِ عَلَيْهِمْ.
39765 - وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ فِي سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهِمْ، وَيَزِيدُ فِي غَلَاءِ سِعْرِهِمْ، وَمَنْ أَضَرَّ بِالنَّاسِ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ.
39766 - وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَخْرُجُ الطَّعَامُ مِنْ سُوقِ بَلَدٍ إِلَى غَيْرِهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِأَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلُّ مَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ.
39766 - وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ قَوْلِهِ خِلَافُ قَوْلِهِ: لَا يُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى إِخْرَاجِ الطَّعَامِ فِي الْغَلَاءِ، وَلَا يَجُوزُ التَّسْعِيرُ عَلَى أَهْلِ الْأَسْوَاقِ، وَذَلِكَ ظُلْمٌ، وَلَكِنْ مَنِ انْحَطَّ مِنَ السِّعْرِ، قِيلَ لَهُ: أَلْحِقْ، وَإِلَّا فَاخْرُجْ.
39768 - وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَعَانِيَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.
الصفحة 314