كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)

مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى دَوَابٍّ، فَنَزَلُوا عِنْدَهُ قَالَ حُمَيْدٌ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اذْهَبْ إِلَى أُمِّي فَقُلْ: إِنَّ ابْنَكِ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ وَيَقُولُ: أَطْعِمِينَا شَيْئًا قَالَ: فَوَضَعَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاصٍ فِي صَحْفَةٍ، وَشَيْئًا مِنْ زَيْتٍ وَمِلْحٍ، ثُمَّ وَضَعَتْهَا عَلَى رَأْسِي، وَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا وَضَعْتُهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، كَبَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَشْبَعَنَا مِنَ الْخُبْزُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامُنَا إِلَّا الْأَسْوَدَيْنِ الْمَاءَ وَالتَّمْرَ، فَلَمْ يُصِبِ الْقَوْمُ مِنَ الطَّعَامِ شَيْئًا، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يَابْنَ أَخِي، أَحْسِنْ إِلَى غَنَمِكَ، وَامْسَحِ الرُّعَامَ عَنْهَا، وَأَطِبْ مَرَاحَهَا، وَصَلِّ فِي نَاحِيَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الثُّلَّةُ مِنَ الْغَنَمِ أَحَبَّ إِلَى صَاحِبِهَا مِنْ دَارِ مَرْوَانَ.
39844 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ إِتْحَافِ الضَّيْفِ النَّازِلِ بِهِمْ وَالْقَادِمِ عَلَيْهِمْ وَالدَّاخِلِ إِلَيْهِمْ، بِمَا يَسُرُّ مِنَ الطَّعَامِ، وَهَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْهُمْ كَانَ مَعْهُودًا بِالسُّنَّةِ الْمَعْمُولِ بِهَا، وَالْمُقَدَّمُ إِلَيْهِمْ بِالْخِيَارِ، إِنْ قَدَرَ عَلَى الْأَكْلِ أَكَلَ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ.
39845 - وَمِنْ حُسْنِ الْآدَابِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ لِتَطِيبَ بِذَلِكَ نَفْسُ الَّذِي قَدَّمَهُ إِلَيْهِ.

الصفحة 334