كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)
لَهُ أُحُدٌ قَالَ: " هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ "، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ ".
38590 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَمَّاقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فِي أُحُدٍ: " جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ " فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَحْمِلُونَهُ عَلَى الْمَجَازِ، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْمَعْنَى فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: "وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ " [ يُوسُفَ: 82 ]، يَعْنِي: وَاسْأَلْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ، فَكَذَلِكَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُحُدٍ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ "، يَعْنِي الْأَنْصَارَ السَّاكِنِينَ قُرْبَهُ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُحِبُّهُمْ لِأَنَّهُمْ آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ وَأَعَانُوهُ عَلَى إِقَامَةِ دِينِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
38591 - وَقَدْ قِيلَ فِي الْمَجَازِ أَيْضًا وَجْهٌ آخَرُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْرَحُ بِأُحُدٍ إِذَا طَلَعَ لَهُ اسْتِبْشَارًا بِالْمَدِينَةِ وَمَنْ فِيهَا مِنْ أَهِلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَيُحِبُّ النَّظَرَ إِلَيْهِمْ وَيَبْتَهِجُ لِلْأَوْبَةِ مِنْ سَفَرِهِ وَالنُّزُولِ عَلَى أَهْلِهِ وَأَحِبَّتِهِ.
38592 - وَقَوْلُهُ: " يُحِبُّنَا ". أَيْ: لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْحُبُّ لَأَحَبَّنَا كَمَا نُحِبُّهُ.
38593 - وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا بِشَوَاهِدَ فِي " التَّمْهِيدِ ".
الصفحة 34