كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 26)

الْبُدْنِ وَالْأَكْلُ مِنْهَا وَإِطْعَامُ الْقَانِعِ وَالْمُعْتَرِّ، فَأَكْلُ مَا حَلَّ مِنَ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ مُبَاحٌ، وَأَكْلُ مَا حَرُمَ لَا يَحِلُّ، خَشِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ خَشِنٍ، إِلَّا أَنَّ مَنْ يَتْرُكُ الدُّنْيَا حُبًّا فِي الْآخِرَةِ، نَالَ فِي الْآخِرَةِ أَعْلَى دَرَجَةٍ، وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ.
39914 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا الْآيَةَ [ الْأَحْقَافِ: 20 ].
39915 - وَلَكِنَّ فِعْلَ عُمَرَ وَقَوْلَهُ فِعْلُ أَهْلِ الزُّهْدِ وَقَوْلُهُمْ.
39916 - رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مِنْهُمْ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، فَآتَاهُمْ بِجَفْنَةٍ قَدْ صُنِعَتْ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُوا فَأَكَلُوا أَكْلًا ضَعِيفًا، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: قَدْ أَرَى أَكْلَكُمْ، إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ الْحُلْوَ وَالْحَامِضَ، وَالْحَارَّ وَالْبَارِدَ، كُلُّ ذَلِكَ قَذْفًا فِي الْبُطُونِ.
39917 - وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَدِمَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ، فَرَآهُمْ يَأْكُلُونَ أَكْلًا ضَعِيفًا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، لَوْ شِئْتُ أَنْ يُدْهَنَ لَكُمْ لَفَعَلْتُ، لَكِنَّا نَسْتَبْقِي مِنْ دُنْيَانَا مَا نَجِدُهُ فِي آخِرَتِنَا، أَمَا سَمِعْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) [ الْأَحْقَافِ: 20 ].

الصفحة 349