كتاب الاتجاهات العامة للاجتهاد ومكانة الحديث الآحادي الصحيح فيها

إِنَّمَا رَجَعَ بِالنَّاسِ عَنْ خَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ». قال الشافعي: «يَعْنِي حِينَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَبَلَغَهُ وُقُوعَ الطَّاعُونِ بِهَا».

21 - مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ [بْنَ الْخَطَّابِ] ذَكَرَ المَجُوسَ فَقَالَ: «مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ؟» فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ» (¬1).
سُفْيَانُ عن عَمْرِو «أنه سمع بَجَالَةَ يَقُولُ: وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ [مِنَ الْمَجُوسِ] حَتَّى أَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ». ثم ذكر الشافعي أن ما يذكره من الأحاديث مُنْقَطِعًا فقد سمعه مُتَّصِلاً أَو ْ مَشْهُورًا عمن روى عنه بنقل عامة من أهل العلم يعرفون عن عامة، ولكنه غابت بعض كتبه وتحقق بما يعرفه أهل العلم مِمَّا حفظ.

ثم عاد إلى ذكر خبر عبد الرحمن بن عوف فقال: «فقبل عمر خبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس، فأخذ منهم وهو يتلو القرآن» {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. ويقرأ القرآن بقتال الكافرين حتى يسلموا، وهو لا يعرف فيهم عَنْ النَّبِيِّ شَيْئًا وهم عنده من الكافرين غير أهل الكتاب، فقبل خبر عبد الرحمن في المجوس عَنْ النَّبِيِّ فاتبعه، وحديث بَجَالَةَ موصول قد أدرك عمر بن الخطاب رجلاً، وكان كاتبًا لبعض ولاته.

وهنا ذكر الشافعي ما يعترض به من أن عمر طلب في بعض
¬__________
(¬1) رواه مالك في " الموطأ " منقطعًا، ورواه ابن المنذر والدارقطني منقطعًا أيضًا ولكن رجاله في الجميع ثقات وله شاهد من حديث مسلم بن العلاء الحضرمي عند "الطبراني " بلفظ: «سُنُّوا بِالمَجُوسِ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ» ورواه أبو عبيد في " الأموال ". اهـ. هامش " الرسالة ": ص 430.

الصفحة 70