كتاب الاتجاهات العامة للاجتهاد ومكانة الحديث الآحادي الصحيح فيها

[قَالَتْ]: " فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فِي بَنِي خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ، [وَلاَ نَفَقَةٍ] "، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ»، [قَالَتْ]: فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الحُجْرَةِ [نَادَانِي] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ بِي [فَنُودِيتُ لَهُ] فَقَالَ: «كَيْفَ قُلْتِ؟» فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ التِي ذَكَرْتُ لَهُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ»، قَالَتْ: " فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا "، قَالَتْ: " فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ " (¬1). وعثمان في إمامته وعلمه يقضي بخبر امرأة بين المهاجرين والأنصار.

24 - أخبرنا مسلم (هو ابن خالد الزنجي فقيه أهل مكة) عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْن مُسْلِم عَنْ طَاوُوسَ قَالَ: «كُنْت مَعَ اِبْن عَبَّاس إِذْ قَالَ لَهُ زَيْد بْن ثَابِت: " تُفْتِي أَنْ تُصْدِر الْحَائِض قَبْل أَنْ يَكُون آخِر عَهْدهَا بِالبَيْتِ؟ " فَقَالَ اِبْن عَبَّاس: " أَمَّا لاَ [فَسَلْ] فُلاَنَة الأَنْصَارِيَّة: هَلْ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " [قَالَ]: فَرَجَعَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَضْحَكُ وَيَقُولُ: " مَا أَرَاك إِلاَّ قَدْ صَدَقْت " (¬2).
قال الشافعي: سمع زيد النهي أنْ يصدُر أحد من الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت، وكانت الحائض عنده من الحاج الداخلين في ذلك النهي، فلما أفتاها ابن عباس بالصدر إذا كانت قد زارت بعد النحر، أنكر عليه زيد، فلما أخبره عن المرأة - أنَّ رسول الله أمرها بذلك فسألها فأخبرته - فصدق المرأة، ورأى عليه حقاً أنْ يرجع عن خلاف ابن عباس، وما لابن عباس حُجَّة غير المرأة.
¬__________
(¬1) وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي. كلهم من طريق مالك حتى شيخه الزُّهْرِي رواه عنه وتابع مالكًا عليه كثيرون.
(¬2) وأخرجهما أحمد في " المسند " والبيهقي أيضًا، وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عباس «أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالبَيْتِ إِلاَّ أَنَّهُ خَفَّفَ عَنْ المَرْأَةِ الحَائِضِ». اهـ.

الصفحة 72