كتاب الاتجاهات العامة للاجتهاد ومكانة الحديث الآحادي الصحيح فيها

بِهَذَا يَا أَبَا الحَارِثِ؟ فَضَرَبَ صَدْرِي وَصَاحَ عَلَيَّ صِيَاحًا كَثِيرًا وَنَالَ مِنِّي، وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقُولُ: أَتَأْخُذُ بِهِ؟ نَعَمْ آخُذُ بِهِ، وَذَلِكَ الفَرْضُ عَلَيَّ وَعَلَى مَنْ سَمِعَهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَارَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ فَهَدَاهُمْ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ، وَاخْتَارَ لَهُمْ مَا اخْتَارَ لَهُ عَلَى لِسَانِهِ، فَعَلَى الخَلْقِ أَنْ يَتَّبِعُوهُ طَائِعِينَ أَوْ دَاخِرِينَ (أي صاغرين)، لاَ مَخْرَجَ لِمُسْلِمٍ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَمَا سَكَتَ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ يَسْكُتَ». قال: «وفي تثبيت الخبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها».

33 - ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل، وكذلك حُكِيَ لنا عمن حُكِيَ لنا عنه من أهل العلم بالبلدان.

34 - قال الشافعي: «وجدنا سعيدًا بالمدينة يقول: أخبرني أبو سعيد الخُدري عَنْ النَّبِيِّ فِي الصَّرْفِ فيثبت حديثَه سُنَّةً، ويقول: حدثني أبو هريرة عَنْ النَّبِيِّ، فيثبت حديثَه سُنَّةً، ويروي عن الواحد غيرهما فيثبت حديثه سُنَّة ً.

35 - ووجدنا عُرْوَةَ يَقُولُ: «حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَضَى أَنَّ الخَرَاجَ بِالضَّمَانِ» فيثبته سُنَّة ويروي عنها عَنْ النَّبِيِّ شيئًا كثيرًا فيثبتها سُنَنًا يحل بها ويحرم، وكذلك وجدناه يقول: «حدثني أسامة بن زيد عَنْ النَّبِيِّ»، ويقول: «حدثني عبد الله بن عمر عَنْ النَّبِيِّ وغيرهما، فيثبت خبر كل واحد منهما على الانفراد سُنَّةً، ثم وجدناه أَيْضًا يصير إلى أنْ يقول: حدثني عبد الرحمن بن عبدٍ القارِي عن عمر، ويقول: «حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عمر، ويثبت كل واحد من هذا خبراً عن عمر».

36 - ووجدنا القاسم بن محمد يقول: «حدثتني عائشة عَنْ النَّبِيِّ، ويقول في حديثٍ غيره: حدثني ابن عمر عَنْ النَّبِيِّ» ويثبت خبر كل

الصفحة 76