كتاب الاتجاهات العامة للاجتهاد ومكانة الحديث الآحادي الصحيح فيها

يأخذوا بأحكامها، ويجب على الفقيه أن يعول في استنباط الأحكام عليهما.

قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (¬1) عند هذه الآية: «هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الطَّرِيقَةِ المُحَمَّدِيَّةِ فَإِنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ، حَتَّى يَتَّبِعَ الشَّرْعَ المُحَمَّدِيَّ وَالدِّينَ النَّبَوِيَّ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ».

ويقرر علماء أصول الفقه حُجِّيََّةَ السُنَّةِ استنادًا إلى أصل اعتقادي وعقلي مهم أَحْسَنَ التَّعْبِيرَ عنه الفقيه والأصولي الحنبلي الإمام ابن قدامة المقدسي، فقال (¬2):
«وَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ، لِدَلاَلَةِ المُعْجِزَةِ عَلَى صِدْقِهِ، وَأَمَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ، وِتْحَذِيْرِهِ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ».

ويبني ابن النجار الحنبلي أيضًا حُجِّيََّةَ السُنَّةِ على أصل آخر هام وهو العصمة، فيقول (¬3):
«وَأَقْسَامُ السُّنَّةِ (¬4) كُلُّهَا حُجَّةٌ أَيْ تَصْلُحُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهَا عَلَى ثُبُوتِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْعِصْمَةِ أَيْ لِثُبُوتِ العِصْمَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِسَائِرِ الأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -».
¬__________
(¬1) جـ 2 ص 25.
(¬2) في كتابه " روضة الناظر وجنة المناظر ": جـ 1 ص 236.
(¬3) " شرح الكوكب المنير ": جـ 2 ص 167.
(¬4) أي الأقوال والأفعال والتقريرات. فلا يَتَوَهَّمَنَّ دخول الحديث الضعيف في كلامه.

الصفحة 9