كتاب الاتباع لابن أبي العز

حجَّة يجب اتباعها لَا فِي تِلْكَ الْأَعْصَار وَلَا بعْدهَا غير الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَإِنَّهُ قد اخْتلفت فِي إِجْمَاع أَهلهَا إِلَّا استدلاله بذلك على تَقْدِيم مَذْهَب مَالك نَظِير اسْتِدْلَال على تَقْدِيم مَذْهَب أبي حنيفَة وَمن مثل هَذَا الإستدلال نَشأ الإفتراق فِي هَذِه الْأمة فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون
وَمِنْهَا قَوْله م: والصلوة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي الْمَبْعُوث إِلَى النَّاس كَافَّة بشيرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله باذنه وسراجا منيرا وعَلى آله وَأَصْحَابه وعترته الَّذين أذهب الله عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا أما بعد فَإِن الزَّمَان لما انْتهى إِلَى وَقت تضعضع فِيهِ أَرْكَان رباع الْعُلُوم وتقعقع فِيهِ بُنيان بقاع الْمَعْلُوم وخلت غاياتها عَن أُسَامَة أبي الشبلين حَتَّى ضج فِيهَا ثعالبة أَبُو الْحصين وشاع الحَدِيث والطعن على مَذْهَب الأقدمين وذاع ادِّعَاء أَن ابا حنيفَة الَّذِي هُوَ أقدم الْمُجْتَهدين لم يعلم أَحَادِيث البُخَارِيّ وَخَالف سيد الْمُرْسلين وَكَانَ ذَلِك موهما لوهن مذْهبه عِنْد ضعفاء الْيَقِين أَشَارَ إِلَيّ بعض الإخوان الَّذين هم بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان للعين وَالْعين للْإنْسَان أَن اكْتُبْ رِسَالَة تقَوِّي اعْتِقَاد ضعفة الْحَنَفِيَّة فِي مَذْهَب إمَامهمْ وتعرف مَا للنَّاس عَلَيْهِ فِي غَالب الْبلدَانِ من الِاحْتِيَاج إِلَى مذْهبه من خَلفهم وإمامهم فكتبتها مُشْتَمِلَة على مُقَدّمَة ومقصد وخاتمة الْمُقدمَة فِي بَيَان سَبَب تَرْجِيح تَقْلِيده على غَيره
ش: وفيهَا مبَاحث فَقَوله ذاع ادِّعَاء فَإِن فِي هَذَا الْكَلَام مُقَابلَة الْفَاسِد بالفاسد وَالْوَاجِب رد الْبَاطِل بِحَق وَلَا يجوز رد الْبَاطِل بِالْبَاطِلِ فَإِن الْبَاطِل لَا يرد الْبَاطِل وَإِنَّمَا يردهُ الْحق قَالَ الله تَعَالَى {بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه فَإِذا هُوَ زاهق} الْأَنْبِيَاء 21
وَالْوَاجِب أَن يُقَال لمن قَالَ إِن ابا حنيفَة خَالف سيد الْمُرْسلين هَذَا القَوْل كذب وبهتان وَسَب لهَذَا الإِمَام الْجَلِيل يسْتَحق قَائِله الردع والزجر عَن هَذِه الْمقَالة الْبَاطِلَة إِن أَرَادَ بِهِ أَنه خَالفه عَن قَصده وَإِن أَرَادَ بِهِ أَنه خَالفه عَن تَأْوِيل أَو ذمّ القَوْل وَلم يذكر قَائِله فَهُوَ هَين كَمَا يُوجد فِي كَلَام

الصفحة 28