كتاب الاتباع لابن أبي العز

النِّيَّة منطبقة إِلَى آخر الزَّمَان وَهِي منقضية منصرمة لَا تتَصَوَّر الْمُقَارنَة بَين أَنْفسهَا فَكيف تتَصَوَّر مقارنتها لما يكون قبلهَا وَإِذا لم تجزىء الصَّلَاة انْتَفَى جُزْء الايمان وَالْكل ينتفى بِانْتِفَاء الْجُزْء كَمَا مر انْتهى
ش: فانه لم يقل أحد من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة لَا الشَّافِعِي وَلَا غَيره بِاشْتِرَاط التَّلَفُّظ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا النِّيَّة محلهَا الْقلب باتفاقهم إِلَّا أَن بعض الْمُتَأَخر ين أوجب التَّلَفُّظ بهَا وَخرج وَجها فِي مَذْهَب الشَّافِعِي قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله وَهُوَ غلط انْتهى وَهُوَ مَسْبُوق بِالْإِجْمَاع قبله وَلَكِن تنَازع الْعلمَاء هَل يسْتَحبّ التَّلَفُّظ بهَا أَو يُبَاح أَو يكره وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي مُقَارنَة النِّيَّة التَّكْبِير فللعلماء فِيهِ قَولَانِ مشهوران أَحدهمَا لَا يجب وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأحمد وَغَيرهمَا وَالثَّانِي يجب وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَغَيره والمقارنة الْمَشْرُوطَة قد تفسر بِوُقُوع التَّكْبِير عقيب النِّيَّة وَهَذَا مُمكن لَا صعوبة فِيهِ بل عَامَّة النَّاس إِنَّمَا يصلونَ هَكَذَا بل هَذَا أَمر ضَرُورِيّ لَو كلفوا تَركه لعجزوا عَنهُ وتفسر بانبساط أَجزَاء النِّيَّة على أَجزَاء التَّكْبِير بِحَيْثُ يكون أَولهَا مَعَ أَوله وَآخِرهَا مَعَ آخِره وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خلو أول الصَّلَاة عَن النِّيَّة وَقد تفسر بِحُضُور جَمِيع النِّيَّة مَعَ جَمِيع أَجزَاء التَّكْبِير وَقد تنوزع فِي إِمْكَانه فضلا عَن وُجُوبه وَلَو قيل بإمكانه أَن المكبر يَنْبَغِي أَن يتدبر التَّكْبِير ويتصوره فَيكون قلبه مَشْغُولًا بِمَعْنى التَّكْبِير لَا بِمَا يشْغلهُ عَن ذَلِك من استحضار الْمَنوِي وَلِأَن النِّيَّة من الشُّرُوط يتَقَدَّم الْعِبَادَة وَيسْتَمر حكمهَا إِلَى آخرهَا فَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَن يحمل عَلَيْهِ كَلَام الامام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من اشْتِرَاط الْمُقَارنَة وَهُوَ أَن لَا يكون بَينهَا وَبَين

الصفحة 62