كتاب الاتباع لابن أبي العز

وَإِطْلَاق النُّصُوص من الْكتاب وَالسّنة يدل على جَوَاز بيع بالتعاطي فِي النفيس والخسيس وَلَكِن فِي قَول المُصَنّف أَن عَامَّة النَّاس فِي عَامَّة الْبلدَانِ يتباعدان ويشترون معاطاة بِلَا إِيجَاب وَقبُول فِي الخسيس والنفيس نظر فان أَكثر النَّاس يخصون الْأَشْيَاء النفيسة بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وَلَكِن النُّصُوص مُطلقَة فَمَتَى وجد الرِّضَا يثبت العقد وَإِن لم يُوجد الْإِيجَاب وَالْقَبُول بِاللَّفْظِ وَلَكِن لَا يَقُول الشَّافِعِي إِن من بَاشر بيع المعاطاة يفسق وَلَا أَن ذَلِك يُنَافِي الْعَدَالَة وَلَا يلْزم القَوْل بذلك كَمَا نسبه إِلَيْهِ المُصَنّف فان هَذَا العقد مُخْتَلف فِي بُطْلَانه بَين الْعلمَاء والقائلون بِصِحَّتِهِ هم الْأَكْثَرُونَ فَلَا يكون مرتكبه فَاسِقًا وَلَا يقْدَح ذَلِك عَدَالَته وَقَوله فالإنتفاع بِهِ مصرا عَلَيْهِ عبارَة فَاسِدَة فَإِن صَاحب الْحَال الَّتِي هِيَ قَوْله مصرا عَلَيْهِ غير مَذْكُور وَحذف صَاحب الْحَال لَا يجوز
وَمِنْهَا قَوْله م: الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشر فِي الْقَضَاء قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله إِذا حكم الْحَاكِم بِالشَّاهِدِ المستور نفذ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله لَا ينفذ فلولا مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله بطلت المحاكمات فِي عصرنا انْتهى
ش: فَإِن الْمُفْتِي بِهِ الْيَوْم عِنْد الْحَنَفِيَّة هُوَ قَول الصاحبين وَهُوَ أَنه لَا يجوز للْقَاضِي أَن يَكْتَفِي بِمُجَرَّد إِسْلَام الشَّاهِد بل لَا بُد من ثُبُوت عَدَالَته عِنْده للنصوص الْوَارِدَة من الْكتاب وَالسّنة من إشتراط صفة الْعَدَالَة فِي الشَّاهِد إِذْ لَيْسَ كل مُسلم عدلا فَلَو قضى القَاضِي بِشَهَادَة من لم يعرف عَدَالَته يكون آثِما لعدم اسْتِيفَائه الشَّرَائِط خُصُوصا إِذا طعن الْخصم فِي عَدَالَة الشُّهُود وَلَا يُمكن الْوُقُوف على حَقِيقَة الْعَدَالَة لِأَن ذَلِك لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى بل يَكْتَفِي بِغَلَبَة الظَّن وَذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي معرفَة إِسْلَامه وَالظَّن الْغَالِب يُسمى علما قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن علمتموهن}

الصفحة 75