كتاب الاتباع لابن أبي العز

مؤمنات) الممتحنة 10 وَكَونه لَو حكم بِشَهَادَة المستور ينفذ حكمه وَإِن كَانَ لَا يجوز لَهُ الْإِقْدَام على الحكم بهَا فمذهب أبي حنيفَة رَحمَه الله أبلغ من ذَلِك وَهُوَ أَنه لَو حكم بِشَهَادَة الْفَاسِق لنفذ حكمه وَيكون آثِما وَلَا يَنْبَغِي نصر الْمَذْهَب بِمثل هَذِه الْمَسْأَلَة والتشنيع على الْمُخَالف فِيهَا لِئَلَّا يعكس التشنيع
وَمِنْهَا قَوْله م: الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشر فِي الْإِمَامَة قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله إِذا وَقع من السطان كَبِيرَة أَو أصر على صَغِيرَة لم يَنْعَزِل وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يَنْعَزِل وَفَسَاد ذَلِك لَا يخفى والتنبيه عَلَيْهِ يُورث تُهْمَة الْإِسْلَام وأمثال ذَلِك من الْمسَائِل كَثِيره يطول ذكرهَا فلنقصر على هَذَا فَمن لَا يستضيء بمصباح لم يستضىء بالصباح فَانْظُر أَيهَا الرفيق الشفيق هَل كَانَ حَال هَذَا الإِمَام مصداقا لقَوْل الشَّافِعِي رَحمَه الله النَّاس عِيَال أبي حنيفَة فِي الْفِقْه اولا لَا أخالك إِلَّا أَن تصدق إِن لم تكن مِمَّن قيل فِيهِ
(إِذا لم يكن للمرء عين صَحِيحَة ... فَلَا غرو أَن يرتاب وَالصُّبْح مُسْفِر)
وَلَعَلَّ الَّذين يَغُضُّونَ من أبي حنيفَة رَحمَه الله ويغضون من مِقْدَاره ويريدون أَن يخفضوا مَا رفع الله من مناره منابذة للحق الأبلج وزيغ عَن سَوَاء الْمنْهَج لَا يتعدون عَن جَزَاء سنمار حِين بنى الخوانق للنعمان حَيْثُ وضع الصُّور والمباني وأوضح طرق الْأَسْبَاب والمعاني فَأخذُوا بمذهبه فِي الْإِيمَان والطاعات والأركان من الْعِبَادَات وَفِي الْمَأْكُول والملبوس والمعاملات وَفِي الْأَنْكِحَة وَالْقَضَاء والخلافة والشهادات فَلم يَنْتَقِلُوا عَن مذْهبه فِي ذَلِك اينما وجهوا وَلم يفارقوا اقواله حَيْثُمَا سِيرُوا ثمَّ إِنَّهُم بعد ذَلِك يجحدون فَضله ويدفعون خصله ويذهبون عَن توقيره وإكرامه ويتركون مَا يجب من تَعْظِيمه واحترامه فَهُوَ مَعَهم فِي ذَلِك عَن الْمثل السائر الشّعير يُؤْكَل ويذم ولعمري إِن ذَلِك سَبَب للثَّواب بعد مماته مُضَافا إِلَى مَا لَهُ مِنْهُ من حَال حَيَاته ادخله الله فِي رضوانه وَأَسْكَنَهُ بحبوحة جنانه إِنَّه أغْنى مأمول وَأكْرم مسؤول إنتهى كَلَام المُصَنّف
ش: فَقَوله يُورث تُهْمَة الْإِسْلَام فان الْغَزالِيّ رَحمَه الله ذكر فِي الْبَسِيط أَن الْفسق لَا يَنْعَزِل بِهِ الإِمَام الْأَعْظَم إِذْ فِيهِ خطر عَظِيم وَصَرفه

الصفحة 76